أحمد بن إبراهيم بن الحسن، ثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة، حدثني حامد بن العباس، عن رجل عن المهتدي: أن الواثق مات وقد تاب من القول بخلق القرآن. وعلى كل حال فهذه القصة لم تزل مشهورة عند العلماء، صحيحة الاحتجاج فيها إلقام الخصم الحجر.
وحاصل هذه القصة التي ألقم بها هذا الشيخ -الذي كان مكبلًا بالقيود يراد قتله- أحمدَ بن أبي دؤاد حجرًا، هو هذا الدليل العظيم الذي هو السبر والتقسيم؛ فكان الشيخ المذكور يقول لابن أبي دؤاد: مقالتك هذه التي تدعو الناس إليها لا تخلو بالتقسيم الصحيح من أحد أمرين: إما أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفاؤه الراشدون عالمين بها أو غير عالمين بها ولا واسطة بين العلم وغيره؛ فلا قسم ثالث البتة. ثم إنه رجع بالسبر الصحيح إلى القسمين المذكورين فبين أن السبر الصحيح يظهر أن أحمد بن أبي دؤاد ليس على كل تقدير من التقديرين.
أما على أن النبي كان عالمًا بها هو وأصحابه، وتركوا الناس ولم يدعوهم إليها = فدعوة ابن أبي دؤاد إليها مخالفة لما كان عليه النبي وأصحابه من عدم الدعوة لها، وكان يسعه ما وسعهم.
وأما على كون النبي وأصحابه غير عالمين بها، فلا يمكن لابن أبي دؤاد أن يدَّعيَ أنه عالم بها مع عدم علمهم بها؛ فظهر ضلاله على كل تقدير، ولذلك سقط من عين الواثق، وترك الواثق لذلك امتحان أهل العلم. فكان هذا الدليل العظيم أول مصدر تاريخي لضعف هذه المحنة الكبرى؛ حتى أزالها الله بالكلية على