يد المتوكل رحمه الله، وفي هذا منقبة تاريخية عظيمة لهذا الدليل المذكور.
ومن آثار هذا الدليل التاريخية؛ ما ذكره بعض المؤرخين: من أن عبد الله بن همام السلولي وشى به واش إلى عبيد الله بن زياد؛ فأدخل ابن زياد الواشي في محل قريب من مجلسه، ثم نادى ابن همام السلولي وقال له: ما حملك على أن تقول فيَّ كذا وكذا .. !؟ فقال السلولي: أصلح الله الأمير! والله ما قلت شيئًا من ذلك!! فأخرج ابن زياد الواشي، وقال: هذا أخبرني أنك قلت ذلك. فسكت ابن همام هنيهة ثم قال مخاطبًا للواشي:
وأنت امرؤ إما ائتمنتك خاليًا ... فخنتَ وإما قلتَ قولًا بلا علمٍ
فأنت من الأمر الذي كان بيننا ... بمنزلة بين الخيانة والإثم
فقال ابن زياد: صدقت! وطرد الواشي. وحاصل هذين البيتين الذين طرد بهما ابن زياد الواشي ولم يتعرض للسلولي بسوء بسببيهما: هو هذا الدليل العظيم المذكور. فكأنه يقول له: لا يخلو قولك هذا من أحد أمرين: إما أن أكون ائتمنتك على سر فأفشيته. وإما بأن تكون قلته عليَّ كذبًا. ثم رجع بالسبر إلى القسمين المذكورين، فبين أن الواشي مرتكب ما لا ينبغي على كل تقدير من التقديرين؛ لأنه إذا كان ائتمنه على سر فأفشاه فهو خائن له، وإن كان قال عليه ذلك كذبًا وافتراه فالأمر واضح.
المسألة السادسة
اعلم أن هذا الدليل التاريخي العظيم يوضح غاية الإيضاح