بما ذكرنا، ويستحقها به المشفوع لهم، قال تعالى:{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلا بِإِذْنِهِ}، وقال:{وَلَا يَشْفَعُونَ إلا لِمَنِ ارْتَضَى}، وقال: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيئًا إلا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (٢٦)}.
وقال بعض أهل العلم: الواو في قوله: {لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ} راجحة إلى "المتقين والمجرمين" جميعًا المذكورين في قوله: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (٨٥) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ ورْدًا (٨٦)} وعليه فالاستثناء في قوله: {إلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (٨٧)}: متصل. و {مَنِ} بدل من الواو في {لَا يَمْلِكُونَ} أي لا يملك من جميعهم أحد الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدًا وهم المؤمنون. والعهد: العمل الصالح. والقول بأنه لا إله إلا الله وغيره من الأقوال يدخل في ذلك؛ أي إلا المؤمنون فإنهم يشفع بعضهم في بعض، كما قال تعالى: {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (١٠٩)}. وقد بين تعالى في مواضع أخر: أن المعبودات التي يعبدونها من دون الله لا تملك الشفاعة، وأن من شهد بالحق يملكها بإذن الله له في ذلك، وهو قوله تعالى: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦)} الآية: أي لكن من شهد بالحق يشفع بإذن الله له في ذلك. وقال تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (١٢) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ} الآية، وقال تعالى:{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ} الآية. والأحاديث في الشفاعة وأنواعها كثيرة معروفة. والعلم عند الله تعالى.
وفي إعراب جملة {لَا يَمْلِكُونَ} وجهان: الأول: أنها حالية؛