أي: نسوق المجرمين إلى جهنم في حال كونهم لا يملكون الشفاعة. أو نحشر المتقين ونسوق المجرمين في حال كونهم لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ منهم عند الرحمن عهدًا. والثاني: أنها مستأنفة للإخبار، حكاه أبو حيان في البحر. ومن أقوال العلماء في العهد المذكور في الآية: أنه المحافظة على الصلوات الخمس، واستدل من قال ذلك بحديث عبادة بن الصامت الذي قدمنا الكلام على قوله تعالى:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ}.
وقال بعضهم: العهد المذكور: هو أن يقول العبد كل صباح ومساء: اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة إني أعهد إليك في هذه الحياة بأني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدًا عبدك ورسولك، فلا تكلني إلى نفسي؛ فإنك إن تكلني إلى نفسي تباعدني من الخير وتقربني من الشر، وإني لا أثق إلا برحمتك، فاجعل لي عندك عهدًا توفينيه يوم القيامة؛ إنك لا تخلف الميعاد. فإذا قال ذلك طبع الله عليها طابعًا ووضعها تحت العرش، فإذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الذين لهم عند الله عهد؟ فيقوم فيدخل الجنة. انتهى. ذكره القرطبي بهذا اللفظ مرفوعًا عن ابن مسعود. وذكر صاحب الدر المنثور أنه أخرجه ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن مسعود موقوفًا عليه، وليس فيه قوله: فإذا قال ذلك إلخ. وذكر صاحب الدر المنثور أيضًا: أن الحكيم الترمذي أخرج نحوه مرفوعًا عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه. والظاهر أن المرفوع لا يصح. والذي يظهر لي أن العهد في الآية يشمل الإيمان بالله وامتثال أمره واجتناب نهيه. خلافًا لمن