للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يقول لك الرجل: لقيت فلانًا سنة كذا. فتقول: وأنا لقيته إذ ذاك. وربما لقيه هو في أولها وأنت في آخرها.

وهذا الذي ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة: من كون أخته مشت إليهم، وقالت لهم: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ}؛ أوضحه جل وعلا في سورة "القصص" فبين أن أخته المذكورة مرسلة من قِبَل أمها لتتعرف خبره بعد ذهابه في البحر، وأنها أبصرته عن بعد وهم لا يشعرون بذلك. وأن الله حرم عليه المراضع غير أمه تحريمًا كونيًّا قدريًّا. فقالت لهم أخته: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ} أي: على مرضع يقبل هو ثديها وتكفله لكم بنصح وأمانة، وذلك في قوله تعالى: {وَقَالتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١١) وَحَرَّمْنَا عَلَيهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (١٢) فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَي تَقَرَّ عَينُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٣)} فقوله تعالى في آية "القصص" هذه: {وَقَالتْ لِأُخْتِهِ} أي: قالت أم موسى لأخته وهي ابنتها: {قُصِّيهِ} أي اتبعي أثره، وتطَلَّبي خبره حتى تطلعي على حقيقة أمره.

وقوله: {فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ} أي رأته من بعيد كالمعرضة عنه، تنظر إليه وكأنها لا تريده {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١١)} بأنها أخته جاءت لتعرف خبره فوجدته ممتنعًا من أن يقبل ثدي مرضعة؛ لأن الله يقول: {وَحَرَّمْنَا عَلَيهِ الْمَرَاضِعَ} أي تحريمًا كونيًّا قدريًّا، أي منعناه منها ليتيسر بذلك رجوعه إلى أمه؛ لأنه لو قبل غيرها أعطوه لذلك الغير الذي قبله ليرضعه ويكفله فلم يرجع إلى أمه. وعن