ابن عباس: أنها لما قالت لهم: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (١٢)} أخذوها وشكُّوا في أمرها وقالوا لها: ما يدريك بنصحهم له وشفقتهم عليه؟! فقالت لهم: نصحهم له، وشفقتهم عليه رغبة في سرور الملك، ورجاء منفعته، فأرسلوها. فلما قالت لهم ذلك وخلصت من أذاهم، ذهبوا معها إلى منزلهم فدخلوا به على أمه فأعطته ثديها فالتقمه ففرحوا بذلك فرحًا شديدًا وذهب البشير إلى امرأة الملك فاستدعت أم موسى، وأحسنت إليها، وأعطتها عطاء جزيلًا وهي لا تعرف أنها أمه في الحقيقة، ولكن لكونه قبل ثديها. ثم سألتها "آسية" أن تقيم عندها فترضعه فأبت عليها وقالت: إن لي بعلا وأولادًا، ولا أقدر على المقام عندك، ولكن إن أحببت أن أرضعه في بيتي فعلت فأجابتها امرأة فرعون إلى ذلك، وأجرت عليها النفقة والصلات والكساوي والإحسان الجزيل. فرجعت أم موسى بولدها قد أبدلها الله بعد خوفها أمنًا في عز وجاه، ورزق دار. اهـ من ابن كثير.
وقوله تعالى في آية "القصص": {وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} وعد الله المذكور هو قوله: {وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧)} والمؤرخون يقولون: إن أخت موسى المذكوره اسمها "مريم". وقوله:{كَي تَقَرَّ عَينُهَا} إن قلنا فيه: إن {كَي} حرف مصدري فاللام محذوفة، أي: لكي تقر. وإن قلنا: إنها تعليلية، فالفعل منصوب بـ"أن" مضمرة. وقوله:{تَقَرَّ عَينُهَا} قيل: أصله من القرار؛ لأن ما يحبه الإنسان تسكن عينه عليه، ولا تنظر إلى غيره؛ كما قال أبو الطيب:
وخَصْر تثبت الأبصار فيه ... كأنَّ عليه من حَدَق نطاقا