قالوا: معناه: أن المطلق قد يحدث له ندم فلا يمكنه تداركه؛ لوقوع البينونة، فلو كانت الثلاث لا تقع لم يقع طلاقه هذا إلا رجعيا، فلا يندم. اهـ. محل الغرض منه بلفظه.
قال مقيده - عفا الله عنه -: ومما يؤيد هذا الاستدلال القرآني ما أخرجه أبو داود بسند صحيح من طريق مجاهد قال: كنت عند ابن عباس فجاءه رجل فقال: إنه طلق امرأته ثلاثا، فسكت حتى ظننت أنه سيردها إليه، فقال ينطلق أحدكم فيركب الأحموقة، ثم يقول: يا ابن عباس، إن الله قال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢)} وإنك لم تتق الله، فلا أجد لك مخرجا، عصيت ربك، وبانت منك امرأتك. وأخرج له أبو داود متابعات عن ابن عباس بنحوه، وهذا تفسير من ابن عباس للآية بأنها يدخل في معناها، "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ ولم يجمع الطلاق في لفظة واحدة يجعل له مخرجا بالرجعة، ومن لم يتقه في ذلك بأن جمع الطلقات في لفظ واحد لم يجعل له مخرجا بالرجعة؛ لوقوع البينونة بها مجتمعة"، هذا هو معنى كلامه الذي لا يحتمل غيره. وهو قوي جدا في محل النزاع؛ لأنه يفسِّر به قرآنا، وهو ترجمان القرآن، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم علمه التأويل". وعلى هذا القول جل الصحابة، وأكثر العلماء، منهم الأئمة الأربعة. وحكى غير واحد عليه الإجماع.
واحتج المخالفون بأربعة أحاديث.
الأول: حديث ابن إسحاق عن داود بن الحصين، عن عكرمة عن ابن عباس عند أحمد وأبي يعلى؛ وصححه بعضهم قال: طلق