للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النووي الذي ذكرناه عنه آنفًا. ثم إن ابن حجر لما نقله عنه قال: وفي المسألة اختلاف كبير وتفاصيل ليس هذا موضع بسطها اهـ.

قال مقيده -عفا الله عنه وغفر له-: التحقيق في هذه المسألة إن شاء الله تعالى أن السحر نوعان كما تقدم؛ منه ما هو كفر، ومنه ما لا يبلغ بصاحبه الكفر، فإن كان الساحر استعمل السحر الذي هو كفر فلا شك في أنه يقتل كفرًا؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من بدل دينه فاقتلوه". وأظهر القولين عندي في استتابته أنه يستتاب، فإن تاب قبلت توبته. وقد بينت في كتابي (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب) في سورة "آل عمران" أن أظهر القولين دليلًا أن الزنديق تقبل توبته؟ لأن الله لم يأمر نبيه ولا أمته - صلى الله عليه وسلم - بالتنقيب عن قلوب الناس، بل بالاكتفاء بالظاهر. وما يخفونه في سرائرهم أمره إلى الله تعالى. خلافًا للإمام مالك رحمه الله وأصحابه القائلين بأن الساحر له حكم الزنديق؛ لأنه مُسْتَسِر بالكفر، والزنديق لا تقبل توبته عنده إلا إذا جاء تائبًا قبل الاطلاع عليه. وأظهر القولين عندي: أن المرأة الساحرة حكمها حكم الرجل الساحر، وأنها إن كفرت بسحرها قتلت كما يقتل الرجل؛ لأن لفظة "من" في قوله: "من بدل دينه فاقتلوه" تشمل الأنثى على أظهر القولين وأصحهما إن شاء الله تعالى. ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} الآية. فأدخل الأنثى في لفظة {وَمَنْ}، وقوله تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ} الآية، وقوله: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ} الآية، إلى غير ذلك من الآيات. وإلى هذه المسألة التي هي شمول لفظة "من" في الكتاب والسنة للأنثى أشار في مراقي السعود بقوله: