للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما شمول من للأنثى جنفُ ... وفي شبيه المسلمين اختلفوا

وأما إن كان الساحر عمل السحر الذي لا يبلغ بصاحبه الكفر، فهذا هو محل الخلاف بين العلماء. فالذين قالوا يقتل ولو لم يكفر بسحره قال أكثرهم: يقتل حدا ولو قتك إنسانًا بسحره، وانفرد الشافعي في هذه الصورة بأنه يقتل قصاصًا لا حدًّا.

وهذه حجج الفريقين ومناقشتها:

أما الذين قالوا: يقتل مطلقًا إذا عمل بسحره ولو لم يقتل به أحدًا، فاستدلوا بآثار عن الصحابة رضي الله عنهم، وبحديث جاء بذلك إلا أنه لم يصح. فمن الآثار الدالة على ذلك ما رواه البخاري في صحيحه في كتاب (الجهاد في باب الجزية): حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال: سمعت عمرًا قال: كنت جالسًا مع جابر بن زيد وعمرو بن أوس فحدثهما بجالة سنة سبعين عام حج مصعب بن الزبير بأهل البصرة عند درج زمزم قال: كنت كاتبًا لجزء ابن معاوية عم الأحنف، فأتانا كتاب عمر بن الخطاب قبل موته بسنة: اقتلوا كل ساحر، وفرقوا بين كل ذي محرم من المجوس قال: فقتلنا في يوم واحد ثلاث سواحر وفرقنا بين المحارم منهم. ورواه أيضًا أحمد وأبو داود. واعلم أن لفظة "اقتلوا كل ساحر" الخ في هذا الأثر ساقطة في بعض روايات البخاري، ثابتة في بعضها، وهي ثابتة في رواية مسدد وأبي يعلى؛ قاله في الفتح. ومن الآثار الدالة على ذلك أيضًا: ما رواه مالك في الموطأ عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أنه بلغه أن حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قتلت جارية لها سحرتها، وقد كانت دبرتها فأمرت بها