مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (١١٧) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١١٨) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (١١٩) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (١٢٠) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (١٢٢)}، وقوله في "الشعراء": {فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (٤٥) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (٤٦) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالمِينَ (٤٧) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (٤٨}، وقوله:{فَأُلْقِيَ} يدل على قوة البرهان الذي عاينوه؛ كأنهم أمسكهم إنسان وألقاهم ساجدين بالقوة لعظم المعجزة التي عاينوها. وذكر في قصتهم أنهم عاينوا منازلهم في الجنة في سجودهم. والظاهر أن ذلك من نوع الإسرائيليات، وأطلق عليهم اسم السحرة في حال سجودهم لله مؤمنين به نظرًا إلى حالهم الماضية؛ كقوله:{وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالهُمْ} فأطلق عليهم اسم اليتم بعد البلوغ نظرًا إلى الحال الماضية كما هو معروف في محله.
والظاهر أن تقديم هارون على موسى في هذه الآية لمراعاة فواصل الآيات.
واعلم أن علم السحر مع خِسَّته، وأن الله صرح بأنه يضر ولا ينفع، قد كان سببًا لإيمان سحرة فرعون؛ لأنهم لمعرفتهم بالسحر عرفوا أنَّ معجزة العصا خارجة عن طور السحر، وأنها أمر إلهي فلم يداخلهم شك في ذلك؛ فكان ذلك سببًا لإيمانهم الراسخ الذي لا يزعزعه الوعيد والتهديد. ولو كانوا غير عالمين بالسحر جدًا، لأمكن أن يظنوا أن مسألة العصا من جنس الشعوذة. والعلم عند الله تعالى.