إسرائيل فيخرجهم من قبضة فرعون ليلًا، وأن يضرب لهم طريقًا في البحر يبسًا، أي يابسًا لا ماء فيه ولا بلل، وأنه لا يخاف دركًا من فرعون وراءه أن يناله بسوء. ولا يخشى من البحر أمامه أن يغرق قومه. وقد أوضح هذه القصة في غير هذا الموضع، كقوله في سورة "الشعراء": {وَأَوْحَينَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٥٢) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (٥٣) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (٥٤) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (٥٥) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (٥٦) فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٧) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (٥٨) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (٥٩) فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (٦٠) فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَال أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١) قَال كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (٦٢) فَأَوْحَينَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (٦٣)}، فقوله في "الشعراء": {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ} أي فضربه فانفلق؛ يوضح معنى قوله:{فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا}، وقوله: {قَال أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١) قَال كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (٦٢)} الآية. يوضح معنى قوله: {لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (٧٢)} وقد أشار تعالى إلى ذلك في قوله في "الدخان": {فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (٢٢) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٢٣) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (٢٤)} إلى غير ذلك من الآيات. وقد قدمنا طرفًا من ذلك في سورة "البقرة" والقصة معروفة واضحة من القرآن العظيم. وقرأ نافع وابن كثير {أَنْ أسْرِ} بهمزة وصل وكسر نون "أن" لالتقاء الساكنين. والباقون قرءوا {أَنْ أَسْرِ} بهمزة قطع مفتوحة مع إسكان نون {أَنْ} وقد قدمنا في سورة "هود" أن أسْرَى وسَرَى لغتان وبينا شواهد ذلك العربية.
وقرأ حمزة {لَا تَخَفْ} بسكون الفاء بدون ألف بين الخاء