وقوله هنا:{وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيمَنَ} الأظهر أن ذلك الوعد هو المذكور في قوله: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ} الآية، وقوله:{وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيلَةً} الآية، وقوله:{أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا} وهو الوعد بإنزال التوراة. وقيل فيه غير ذلك.
وقوله هنا: {وَنَزَّلْنَا عَلَيكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (٨٠)} قد أوضح امتنانه عليهم بذلك في غير هذا الموضع؛ كقوله في "البقرة": {وَظَلَّلْنَا عَلَيكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} وقوله في "الأعراف": {وَظَلَّلْنَا عَلَيكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى}. وأكثر العلماء على أن المن: الترنجبين، وهو شيء ينزل من السماء كنزول الندى ثم يتجمد، وهو يشبه العسل الأبيض. والسلوى: طائر يشبه السماني. وقيل: هو السماني. وهذا قول الجمهور في المن والسلوى. وقيل: السلوى العسل. وأنكر بعضهم إطلاق السلوى على العسل. والتحقيق: أن "السلوى" يطلق على العسل لغة؛ ومنه قول خالد بن زهير الهذلي:
وقاسمها بالله جهدًا لأنتم ألذ ... من السلوى إذا ما نشورها
يعني ألذ من العسل إذا ما نستخرجها؛ لأن الشور: استخراج العسل. قال مؤرج بن عمر السدوسي: إطلاق السلوى على العسل لغة كنانة؛ سمي به لأنه يسلى؛ قاله القرطبي. إلا أن أكثر العلماء على أن ذلك ليس هو المراد في الآية. واختلفوا في السلوى؛ هل هو جمع أو مفرد؟ فقال بعضهم: هو جمع، واحده سلواة، وأنشد الخليل لذلك قول الشاعر:
وإني لتعروني لذِكْراك هِزَّة ... كما انتفض السلواة من بلل القطر