يسقط من جبل أو نحوه فيهوي إلى الأرض فيهلك، ومنه قول الشاعر:
هوى من رأس مرقبة ... ففتت تحتها كبده
ويقولون: هوت أمه، أي سقط سقوطًا لا نهوض بعده. ومنه قول كعب بن سعد الغنوي:
هَوَتْ أمُّه ما يبعثُ الصبحُ غاديًا ... وماذا يؤدي الليلُ حين يؤُوبُ
ونحو هذا هو أحد التفسيرات في قوله تعالى: {فَأُمُّهُ هَاويَةٌ (٩)} وعن شُفَي بن ماتع الأصبحي قال: إن في جهنم جبلًا يدعى صعودا يطلع فيه الكافر أربعين خريفًا قبل أن يرقاه؛ قال الله تعالى: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (١٧)} وإن في جهنم قصرًا يقال له: هوى، يرمى الكافر من أعلاه فيهوي أربعين خريفًا قبل أن يبلغ أصله، قال الله تعالى: {وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (٨١)} قاله القرطبي وابن كثير، والله تعالى أعلم.
واعلم أن الغضب صفة وصف الله بها نفسه إذا انتهكت حرماته، تظهر آثارها في المغضوب عليهم. نعوذ بالله من غضبه جل وعلا. ونحن معاشر المسلمين نمرها كما جاءت فنصدق ربنا في كل ما وصف به نفسه، ولا نكذب بشيء من ذلك -مع تنزيهنا التام له جل وعلا عن مشابهة المخلوقين سبحانه وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا- كما أوضحنا ذلك غاية الإيضاح في سورة "الأعراف". وقرأ حمزة والكسائي في هذه الآية:"قد أنجيتكم من عدوكم وواعدتكم" بتاء المتكلم فيهما. وقرأه الباقون:{وَوَاعَدْنَاكُمْ} و {أَنْجَينَاكُمْ} بالنون الدالة على العظمة، فصيغة الجمع في قراءة