للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي: خشيت أن تقول: فرقت بين بني إسرائيل، وأن تقول لي: لم ترقب قولي، أي: لم تعمل بوصيتي وتمتثل أمري.

تنبيه

هذه الآية الكريمة بضميمة آية "الأنعام" إليها تدل على لزوم إعفاء اللحية، فهي دليل قرآني على إعفاء اللحية وعدم حلقها. وآية الأنعام المذكورة هي قوله تعالى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ} الآية. ثم إنه تعالى قال بعد أن عد الأنبياء الكرام المذكورين: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} فدل ذلك على أن هارون من الأنبياء الذين أمر نبينا - صلى الله عليه وسلم - بالاقتداء بهم، وأمره - صلى الله عليه وسلم - بذلك أمر لنا؛ لأن أمر القدوة أمر لأتباعه، كما بينا إيضاحه بالأدلة القرآنية في هذا الكتاب المبارك في سورة "المائدة" وقد قدمنا هناك: أنه ثبت في صحيح البخاري: أن مجاهدًا سأل ابن عباس: من أين أخذت السجدة في "ص" قال: أوَ ما تقرأ {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ .. أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} فسجدها داود فسجدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١) . فإذا علمت بذلك أن هارون من الأنبياء الذين أمر نبينا - صلى الله عليه وسلم - بالاقتداء بهم في سورة "الأنعام"، وعلمت أن أمره أمر لنا؛ لأن لنا فيه الأسوة الحسنة، وعلمت أن هارون كان موفرًا شعر لحيته بدليل قوله


(١) رواية البخاري كما في ص ٦ ص ١٣٤ طبع بولاق سنة ١٣١٤:
"عن العوام قال: سألت مجاهدًا عن سجدة ص، فقال: سألت ابن عباس من أين سجدت؟ فقال: أو ما تقرأ: "ومن ذريته داود وسليمان ... أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده" فكان داود ممن أمر نبيكم - صلى الله عليه وسلم - أن يقتدي به. فسجدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".