الْجَنَّةِ} بخطاب شامل لآدم وحواء، ثم خص آدم بالشقاء دونها في قوله: {فَتَشْقَى (١١٧)} دل ذلك على أنه هو المكلف بالكد عليها وتحصيل لوازم الحياة الضرورية لها: من مطعم، ومشرب، وملبس، ومسكن.
قال أبو عبد الله القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة ما نصه: وإنما خصه بذكر الشقاء ولم يقل فتشقيا: يعلمنا أن نفقة الزوجة على الزوج، فمن يومئذ جرت نفقة النساء على الأزواج. فلما كانت نفقة حواء على آدم كذلك نفقات بناتها علي بني آدم بحق الزوجية. وأعلمنا في هذه الآية: أن النفقة التي تجب للمرأة على زوجها هذه الأربعة: الطعام، والشراب، والكسوة، والمسكن. فإذا أعطاها هذه الأربعة فقد خرج إليها من نفقتها، فإن تفضل بعد ذلك فهو مأجور. فأما هذه الأربعة فلابد لها منها؛ لأن بها إقامة المهجة اهـ منه.
وذكر في قصة آدم: أنه لما أهبط إلى الأرض أهبط إليه ثور أحمر وحبات من الجنة، فكان يحرث على ذلك الثور ويمسح العرق عن جبينه وذلك من الشقاء المذكور في الآية.
والظاهر أن الذي في هذه الآية الكريمة من البديع المعنوي في إصطلاح البلاغيين، هو ما يسمى "مراعاة النظير"، ويسمى "التناسب والائتلاف، والتوفيق والتلفيق"؛ فهذه كلها أسماء لهذا النوع من البديع المعنوي. وضابطه: أنه جمع أمر وما يناسبه لا بالتضاد؛ كقوله تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (٥)} فإن الشمس والقمر متناسبان لا بالتضاد. وكقول البحتري يصف الإبل الأنضاء