للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلافة عمر، كما جهل كثير من الناس نسخ نكاح المتعة إلى خلافة عمر مع أنه - رضي الله عنه - صرح بنسخها، وتحريمها إلى يوم القيامة، في غزوة الفتح، وفي حجة الوداع أيضا، كما جاء في رواية عند مسلم، ومع أن القرآن دل على تحريم غير الزوجة والسرية، بقوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} ومعلوم أن المرأة المتمتع بها ليست بزوجة ولا سرية كما يأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى في سورة النساء في الكلام على قوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} الآية.

والذين قالوا بالنسخ قالوا في معنى قول عمر: إن الناس استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، أن المراد بالأناة، أنهم كانوا يتأنون في الطلاق، فلا يوقعون الثلاث في وقت واحد، ومعنى استعجالهم أنهم صاروا يوقعونها بلفظ واحد، على القول بأن ذلك هو معنى الحديث. وقد قدمنا أنه لا يتعين كونه هو معناه، وإمضاؤه له عليهم إذن هو اللازم، ولا ينافيه قوله "فلو أمضيناه عليهم"، يعني ألزمناهم بمقتضى ما قالوا. ونظيره قول جابر عند مسلم في نكاح المتعة "فنهانا عنها عمر". فظاهر كل منهما أنه اجتهاد من عمر، والنسخ ثابت فيهما معا كما رأيت، وليست الأناة في المنسوخ، وإنما هي في عدم الاستعجال بإيقاع الثلاث دفعة. وعلى القول الأول إن المراد بالثلاث التي كانت تجعل واحدة، أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. فالظاهر في إمضائه لها عليهم أنه حيث تغير قصدهم من التأكيد إلى التأسيس كما تقدم. ولا إشكال في ذلك.