أما كون عمر كان يعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان يجعل الثلاث بلفظ واحد واحدة، فتعمد مخالفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعلها ثلاثا، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة، فلا يخفى بعده، والعلم عند الله تعالى.
الجواب الرابع: عن حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أن رواية طاوس عن ابن عباس مخالفة لما رواه عنه الحفاظ من أصحابه، فقد روى عنه لزوم الثلاث دفعة سعيد بن جبير، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد، وعكرمة، وعمرو بن دينار؛ ومالك بن الحارث، ومحمد بن إياس بن البكير، ومعاوية ابن أبي عياش الأنصاري، كما نقله البيهقي في السنن الكبرى، والقرطبي وغيرهما. وقال البيهقي في السنن الكبرى: إن البخاري لم يخرج هذا الحديث، لمخالفة هؤلاء لرواية طاوس عن ابن عباس.
وقال الأثرم: سألت أبا عبد الله عن حديث ابن عباس: كان الطلاق الثلاث على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما، طلاق الثلاث واحدة، بأي شيء تدفعه؟ قال: برواية الناس عن ابن عباس من وجوه خلافه. وكذلك نقل عنه ابن منصور. قاله العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى.
قال مقيده - عفا الله عنه -: فهذا إمام المحدثين، وسيد المسلمين في عصره الذي تدارك الله به الإسلام بعد ما كاد تتزلزل قواعده، وتغير عقائده: أبو عبد الله أحمد بن حنبل -رحمه الله تعالى- قال للأثرم وابن منصور: إنه رفض حديث ابن عباس قصدا؛ لأنه يرى عدم الاحتجاج به في لزوم الثلاث بلفظ واحد،