واختلف أهل الحق: هل المانع لوقوع الكبائر منهم عمدًا العقل أو السمع؟ وأما المعتزلة فالعقل، وإن كان سهوًا فالمختار العصمة منها. وأما الصغائر عمدًا أو سهوًا؛ فقد جوزها الجمهور عقلًا؛ لكنها لا تقع منهم غير صغائر الخسة فلا يجوز وقوعها منهم لا عمدًا ولا سهوًا. انتهى منه.
وحاصل كلامه: عصمتهم من الكذب فيما يبلغونه عن الله ومن الكفر والكبائر وصغائر الخسة، وأن الجمهور على جواز وقوع الصغائر الأخرى منهم عقلًا؛ غير أن ذلك لم يقع فعلًا. وقال أبو حيان في البحر في سورة "البقرة": وفي المنتخب للإمام أبي عبد الله محمد بن أبي الفضل المرسى ما ملخصه: منعت الأمة وقوع الكفر من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، إلا الفضيلية من الخوارج قالوا: وقد وقع منهم ذنوب، والذنب عندهم كفر. وأجاز الإمامية إظهار الكفر منهم على سبيل التقية. واجتمعت الأمة على عصمتهم من الكذب والتحريف فيما يتعلق بالتبليغ، فلا يجوز عمدًا ولا سهوًا. ومن الناس من جوز ذلك سهوًا. وأجمعوا على امتناع خطئهم في الفتيا عمدًا. واختلفوا في السهو. وأما أفعالهم فقالت الحشوية: يجوز وقوع الكبائر منهم على جهة العمد. وقال أكثر المعتزلة: بجواز الصغائر عمدًا إلا في القول كالكذب. وقال الجبائي: يمتنعان عليهم إلا على جهة التأويل. وقيل: يمتنعان عليهم إلا على جهة السهو والخطأ، وهم مأخوذون بذلك وإن كان موضوعًا عن أمتهم. وقالت الرافضة: يمتنع ذلك على كل جهة.