تشبيه الشيء بنظيره والتسوية بينهما في الحكم، وقال تعالى:{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إلا الْعَالِمُونَ} بالقياس في ضرب الأمثال من خاصة العقل، وقد ركز الله في فطر الناس وعقولهم التسوية بين المتماثلين وإنكار التفريق بينهما، والفرق بين المختلفين وإنكار الجمع بينهما قالوا: ومدار الاستدلال جميعه على التسوية بين المتماثلين، والفرق بين المختلفين؛ فإنه إما استدلال بمعين على معين، أو بمعين على عام، أو بعام على معين، أو بعام على عام. فهذه الأربعة هي مجامع ضروب الاستدلال. فالاستدلال بالمعين على المعين هو الاستدلال بالملزوم على لازمه، بكل ملزوم دليل على لازمه، فإن كان التلازم من الجانبين كان كل منهما دليلًا على الآخر ومدلولًا له. وهذا النوع ثلاثة أقسام: أحدها: الاستدلال بالمؤثر على الأثر، والثاني: الاستدلال بالأثر على المؤثر. والثالث: الاستدلال بأحد الأثرين على الآخر. فالأول: كالاستدلال بالنار على الحريق. والثاني: كالاستدلال بالحريق على النار. والثالث: كالاستدلال بالحريق على الدخان. ومدار ذلك كله على التلازم؛ فالتسوية بين المتماثلين هو الاستدلال بثبوت أحد الأثرين على الآخر وقياس الفرق هو استدلال بانتفاء أحد الأثرين على انتفاء الآخر، أو بانتفاء اللازم على انتفاء ملزومه؛ فلو جاز التفريق بين المتماثلين لانسدت طريق الاستدلال، وغلقت أبوابه.
قالوا: وأما الاستدلال بالمعين على العام فلا يتم إلا بالتسوية بين المتماثلين، إذ لو جاز الفرق لما كان هذا المعين دليلًا على الأمر العام المشترك بين الأفراد. ومن هذا أدلة القرآن بتعذيب المعينين الذين عذبهم على تكذيب رسله وعصيان أمره، على أن