في رواية أبي داود، ومع أن القائلين برد الثلاث المجتمعة إلى واحدة لا يجدون فرقا في المعنى بين رواية أيوب وغيرهما من روايات حديث طاووس.
ونحن نقول للقائلين برد الثلاث إلى واحدة: إما أن يكون معنى الثلاث في حديث عائشة، وحديث طاووس أنها مجتمعة، أو مفرقة، فإن كانت مجتمعة فحديث عائشة متفق عليه، فهو أولى بالتقديم، وفيه التصريح بأن تلك الثلاث تحرمها، ولا تحل إلا بعد زوج، وإن كانت متفرقة، فلا حجة لكم أصلا في حديث طاووس على محل النزاع؛ لأن النزاع في خصوص الثلاث بلفظ واحد. أما جعلكم الثلاث في حديث عائشة مفرقة، وفي حديث طاووس مجتمعة فلا وجه له، ولا دليل عليه، ولا سيما أن بعض رواياته مطابق لفظه للفظ حديث عائشة، وأنتم لا ترون فرقا بين معاني ألفاظ رواياته من جهة كون الثلاث مجتمعة، لا متفرقة.
وأما على كون معنى حديث طاووس أن الثلاث التي كانت تجعل واحدة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر، هي المجموعة بلفظ واحد فإنه على هذا يتعين النسخ، كما جزم به أبو داود رحمه الله، وجزم به ابن حجر في فتح الباري، وهو قول الشافعي كما قدمنا عنه، وقال به غير واحد من العلماء.
وقد رأيت النصوص الدالة على النسخ التي تفيد أن المراد بجعل الثلاث واحدة، أنه في الزمن الذي كان لا فرق فيه بين واحدة وثلاث ولو متفرقة، لجواز الرجعة ولو بعد مائة تطليقة، متفرقة كانت، أو لا، وأن المراد بمن كان يفعله في زمن أبي بكر