هو من لم يبلغه النسخ، وفي زمن عمر اشتهر النسخ بين الجميع.
وادعاء أن مثل هذا لا يصح يرده بإيضاح وقوع مثله في نكاح المتعة، فإنا قد قدمنا أن مسلما روى عن جابر أنها كانت تفعل على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر، وفي بعض من زمن عمر قال: فنهانا عنها عمر. وهذه الصورة هي التي وقعت في جعل الثلاث واحدة، والنسخ ثابت في كل واحدة منهما، فادعاء إمكان إحداهما واستحالة الأخرى في غاية السقوط كما ترى؛ لأن كل واحدة منهما، روى فيها مسلم في صحيحه عن صحابي جليل أن مسألة تتعلق بالفروج كانت تفعل في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر وصدرا من إمارة عمر، ثم غير حكمها عمر، والنسخ ثابت في كل واحدة منهما، وأما غير هذين الأمرين فلا ينبغي أن يقال؛ لأن نسبة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وعبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - وخلق من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أنهم تركوا ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجاءوا بما يخالفه من تلقاء أنفسهم عمدا غير لائق، ومعلوم أنه باطل بلا شك.
وقد حكى غير واحد من العلماء أن الصحابة أجمعوا في زمن عمر على نفوذ الطلاق الثلاث دفعة واحدة.
والظاهر أن مراد المدعي لهذا الإجماع هو الإجماع السكوتي، مع أن بعض العلماء ذكر الخلاف في ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين. وقد قدمنا كلام أبي بكر بن العربي القائل بأن نسبة ذلك إلى بعض الصحابة كذب بحت، وأنه لم يثبت عن أحد منهم جعل الثلاث بلفظ واحد واحدة، وما ذكره بعض أجلاء العلماء من أن