يفعل؟ اختلف العلماء في ذلك؛ فذهب أكثر أهل العلم إلى أن ما أفسدته البهائم ليلًا يضمنه أرباب الماشية بقيمته، وهو المشهور من مذهب مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله. وقيل: يضمنونه بمثله كقضية سليمان. قال ابن القيم: وهذا هو الحق. وهو أحد القولين في مذهب أحمد، ووجه للشافعية والمالكية، والمشهور عنهم خلافه. والآية تشير إلى اختصاص الضمان بالليل؛ لأن النفش لا يطلق لغة إلا على الرعي بالليل كما تقدم. واحتج الجمهور لضمان أصحاب البهائم ما أفسدته ليلًا بحديث حرام بن محيصة: أن ناقة البراء بن عازب دخلت حائطًا فأفسدت فيه؛ فقضى نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: "أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها" رواه الأئمة: مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والدارقطني، وابن حبان، وصححه الحاكم فقال بعد أن ساق الحديث المذكور: هذا حديث صحيح الإسناد على خلاف فيه بين معمر والأوزاعي؛ فإن معمرًا قال: عن الزهري عن حرام بن محيصة عن أبيه، وأقره الذهبي على تصحيحه ولم يتعقبه.
وقال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار في الحديث المذكور: صححه الحاكم والبيهقي. قال الشافعي: أخذنا به لثبوته واتصاله ومعرفة رجاله اهـ منه. والاختلاف على الزهري في رواية هذا الحديث كثير معروف.
وقال ابن عبد البر: وهذا الحديث وإن كان مرسلًا فهو حديث مشهور، أرسله الأئمة، وحدث به الثقات، واستعمله فقهاء الحجاز