واعلم أن قول من قال:{مُغَاضِبًا} أي: مغاضبًا لربه كما رُوي عن ابن مسعود، وبه قال الحسن والشعبي وسعيد بن جبير، واختاره الطبري والقتيبي، واستحسنه المهدوي؛ يجب حمله على معنى القول الأول؛ أي: مغاضبًا من أجل ربه. قال القرطبي بعد أن ذكر هذا القول عمن ذكرنا: وقال النحاس: وربما أنكر هذا من لا يعرف اللغة، وهو قول صحيح، والمعنى: مغاضبًا من أجل ربه كما تقول: غضبت لك أي: من أجلك. والمؤمن يغضب لله عزَّ وجلَّ إذا عُصِي. انتهى منه. والمعنى على ما ذكر: مغاضبًا قومه من أجل ربه، أي: من أجل كفرهم به، وعصيانهم له. وغير هذا لا يصح في الآية.
وقوله تعالى:{فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ} أي: ظلمة البحر، وظلمة الليل، وظلمة بطن الحوت. و {أَنْ} في قوله: {أَنْ لَا إِلَهَ إلا أَنْتَ} مفسرة، وقد أوضحنا فيما تقدم معنى {أَنْ لَا إِلَهَ}، ومعنى {سُبْحَانَكَ}، ومعنى الظلم، فأغنى ذلك عن إعادته هنا.
وقوله:{فَاسْتَجَبْنَا لَهُ} أي: أجبناه ونجيناه من الغم الذي هو فيه في بطن الحوت، وإطلاق استجاب بمعنى أجاب معروف في اللغة، ومنه قول كعب بن سعد الغنوي:
وداعٍ دعا يا من يجيب إلى الندى ... فلم يَسْتجبه عند ذاك مجيبُ
وما ذكره الله جل وعلا في هذه الآية: من نداء نبيه يونس في تلك الظلمات؛ هذا النداء العظيم، وأن الله استجاب له ونجاه من