للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون كصاحب الحوت؛ دليل على أن صاحب الحوت لم يصبر كما ينبغي. وقصة يونس، وسبب ذهابه ومغاضبته قومه مشهورة مذكورة في كتب التفسير. وقد بين تعالى في سورة "يونس": أن قوم يونس آمنوا فنفعهم إيمانهم دون غيرهم من سائر القرى التي بعثت إليهم الرسل، وذلك في قوله: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إلا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (٩٨)}.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (٨٨)} يدل على أنه ما من مؤمن يصيبه الكرب والغم فيبتهل إلى الله داعيًا بإخلاص، إلا نجاه الله من ذلك الغم، ولاسيما إذا دعا بدعاء يونس هذا. وقد جاء في حديث مرفوع عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في دعاء يونس المذكور: "لم يدع به مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له" رواه أحمد والترمذي وابن أبي حاتم وابن جرير وغيرهم. والآية الكريمة شاهدة لهذا الحديث شهادة قوية كما ترى؛ لأنه لما ذكر أنه أنجى يونس شبه بذلك إنجاءه المؤمنين. وقوله: {نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (٨٨)} صيغة عامة في كل مؤمن كما ترى. وقرأ عامة القراء السبعة غير ابن عامر وشعبة عن عاصم: {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (٨٨)} بنونين أولاهما مضمومة، والثانية ساكنة بعدها جيم مكسورة مخففة فياء ساكنة، وهو مضارع "أنجى" الرباعي على صيغة "أفعل"، والنون الأولى دالة على العظمة. وقرأ ابن عامر وشعبة عن عاصم: "وكذلك نُجِّي المؤمنين" بنون واحدة مضمومة بعدها جيم مكسورة مشددة فياء ساكنة. وهو على هذه القراءة بصيغة فعل ماض مبني