الصحيفة على ما كتب فيها، وعلى هذا فطي السجل مصدر مضاف إلى مفعوله؛ لأن السجل على هذا المعنى مفعول الطي.
الثاني: أن السجل ملك من الملائكة، وهو الذي يطوي كتب أعمال بني آدم إذا رفعت إليه، ويقال: إنه في السماء الثالثة، ترفع إليه الحفظة الموكلون بالخلق أعمال بني آدم في كل خميس واثنين، وكان من أعوانه (فيما ذكروا) هاروت وماروت، وقيل: إنه لا يطوي الصحيفة حتى يموت صاحبها فيرفعها ويطويها إلى يوم القيامة، وقول من قال: إن السجل صحابي، كاتب للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ظاهر السقوط كما ترى.
وقوله في هذه الآية الكريمة:{لِلْكُتُبِ} قرأه عامة السبعة غير حمزة والكسائي وحفص عن عاصم (للكتاب) بكسر الكاف وفتح التاء بعدها ألف بصيغة الإفراد. وقرأه حمزة والكسائي وحفص عن عاصم {لِلْكُتُبِ} بضم الكاف والتاء بصيغة الجمع. ومعنى القراءتين واحد؛ لأن المراد بالكتاب على قراءة الإفراد جنس الكتاب، فيشمل كل الكتب.
أظهر الأقوال عندي في هذه الآية الكريمة: أن الزبور الذي هو الكتاب يراد به جنس الكتاب فيشمل الكتب المنزلة، كالتوراة والإنجيل، وزبور داود، وغير ذلك. وأن المراد بالذِّكْر: أم الكتاب، وعليه فالمعنى: ولقد كتبنا في الكتب المنزلة على الأنبياء أن الأرض يرثها عبادي الصالحون بعد أن كتبنا ذلك في أم الكتاب.