السَّعِيرِ (٢١)} وقوله تعالى عن نبيه وخليله إبراهيم: {يَاأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيطَانِ وَلِيًّا (٤٥)} وقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} إلى غير ذلك من الآيات.
واعلم أنه يفهم من دليل خطاب هذه الآية الكريمة، أعني مفهوم مخالفتها أن من يجادل بعلم على ضوء هدي كتاب منير، كهذا القرآن العظيم، ليحق الحق، ويبطل الباطل بتلك المجادلة الحسنة أن ذلك سائغ محمود؛ لأن مفهوم قوله:{بِغَيرِ عِلْمٍ} إن كان بعلم، فالأمر بخلاف ذلك، وليس فِي ذلك اتباع للشيطان. ويدل هذا المفهوم المذكور قوله تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} وقوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.
وقال الفخر الرازي في تفسيره: هذه الآية بمفهومها تدل على جواز المجادلة الحقة؛ لأن تخصيص المجادلة مع عدم العلم بالدلائل، يدل على أن المجادلة مع العلم جائزة، فالمجادلة الباطلة هي المراد من قوله:{مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إلا جَدَلًا} والمجادلة الحقة هي المراد من قوله: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. اهـ. منه.
وقوله تعالى في هذه الآية: {عَذَابِ السَّعِيرِ (٤)} يعني عذاب النار، فالسعير النار أعاذنا الله، وإخواننا المسلمين منها.
والظاهر أن أصل السعير فعيل، بمعنى: مفعول، من قول العرب: سعر النار، يسعرها، كمنع يمنع إذا أوقدها، وكذلك سعرها بالتضعيف. وعلى لغة التضعيف والتخفيف القراءتان السبعيتان في قوله: {وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢)} فقد قرأه من السبعة نافع وابن عامر في رواية ابن ذكوان، وعاصم في رواية حفص سعرت بتشديد العين،