تُرَابٍ} الآية، فلما كان أصلهم الأول من تراب، أطلق عليهم أنه خلقهم من تراب؛ لأن الفروع تبع للأصل.
وقد بينا في طه أيضًا أن قول من زعم أن معنى خلقه إياهم من تراب أنه خلقهم من النطف، والنطف من الأغذية، والأغذية راجعة إلى التراب غير صحيح، وقد بينا هناك الآيات الدالة على بطلان هذا القول.
وقد ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أطوار خلق الإِنسان، فبين أن ابتداء خلقه من تراب كما أوضحنا آنفًا، فالتراب هو الطور الأول.
والطور الثاني هو النطفة، والنطفة في اللغة: الماء القليل، ومنه قول الشاعر وهو رجل من بني كلاب:
وما عليك إذا أخبرتني دنفًا ... وغاب بعْلكِ يومًا أن تعودِيني
وتجعلي نطفةً في القعْب باردةً ... وتغمسي فاكِ فيها ثم تسقيني
فقوله: وتجعلي نطفة، أي: ماء قليلًا في القعب، والمراد بالنطفة في هذه الآية الكريمة نطفة المني. وقد قدمنا في سورة النحل أن النطفة مختلطة من ماء الرجل، وماء المرأة، خلافًا لمن زعم أنها من ماء الرجل وحده.
الطور الثالث: العلقة، وهي القطعة من العلق، وهو الدم الجامد، فقوله:{ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ} أي: قطعة دم جامدة، ومن إطلاق العلق على الدم المذكور قول زهير:
إليك أعملتها فتلا مرافقها ... شهرين يجْهُض من أرحامها العَلَق
الطور الرابع: المضغة، وهي القطعة الصغيرة من اللحم، على