للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وممن روي عنه هذا القول ابن عباس رضي الله عنهما.

وقال صاحب الدر المنثور: إنه أخرجه عنه ابن أبي حاتم وصححه، ونقله عنه القرطبي، وأنشد لذلك قول الشاعر:

أفي غير المخلَّقةِ البكاءُ ... فأين الحزمُ وَيحك والحيَاءُ

وقال أبو جعفر بن جرير رحمه الله تعالى: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: المخلقة المصورة خلقًا تامًّا، وغير المخلقة السقط قبل تمام خلقه؛ لأن المخلقة، وغير المخلقة من نعت المضغة، والنطفة بعد مصيرها مضغة لم يبق لها حتى تصير خلقًا سويًّا إلا التصوير. وذلك هو المراد بقوله: {مُخَلَّقَةٍ} خلقًا سويًّا، و {وَغَيرِ مُخَلَّقَةٍ} بأن تلقيه الأم مضغة ولا تصوير، ولا ينفخ الروح. انتهى منه.

وهذا القول الذي اختاره ابن جرير اختاره أيضًا غير واحد من أهل العلم.

قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: هذا القول الذي اختاره الإِمام الجليل الطبري رحمه الله تعالى لا يظهر صوابه، وفي نفس الآية الكريمة قرينة تدل على ذلك، وهي قوله جل وعلا في أول الآية: {فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ} لأنه على القول المذكور الذي اختاره الطبري يصير المعنى ثم خلقناكم من مضغة مخلقة، وخلقناكم من مضغة غير مخلقة. وخطاب الناس بأن الله خلق بعضهم من مضغة غير مصورة،

فيه من التناقض كما ترى فافهم.

فإن قيل: في نفس الآية الكريمة قرينة تدل على أن المراد بغير المخلقة السقط؛ لأن قوله: {وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}