فذهب مالك رحمه الله وأصحابه إلى أنها تصير أم ولد بوضع تلك العلقة؛ لأن العلقة مبدأ جنين، ولأن النطفة لما صارت علقة صدق عليها أنها خلقت علقة، بعد أن كانت نطفة، فدخلت في قوله تعالى:{خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ} فيصدق عليها أنها وضعت جنينًا من سيدها، فتكون به أم ولد، وهذا رواية عن أحمد، وبه قال إبراهيم النخعي.
وذهب جمهور أهل العلم منهم الأئمة الثلاثة إلى أنها لا تكون أم ولد بوضعها العلقة المذكورة. وقد قدمنا توجيههم لذلك.
المسألة الثالثة: إذا أسقطت المرأة النطفة في طورها الثالث - أعني كونها مضغة، أي: قطعة من لحم - فلذلك أربع حالات:
الأولى: أن يكون ظهر في تلك المضغة شيء من صورة الإنسان، كاليد والرجل، والرأس ونحو ذلك، فهذا تنقضي به العدة، وتلزم فيه الغرة، وتصير به أم ولد، وهذا لا خلاف فيه بين من يعتد به من أهل العلم.
الحالة الثانية: أن تكون المضغة المذكورة لم يتبين فيها شيء من خلق الإِنسان، ولكن شهدت ثقات من القوابل أنهن اطلعن فيها على تخطيط، وتصوير خفي، والأظهر في هذه الحالة أن حكمها كحكم التي قبلها؛ لأنه قد تبين بشهادة أهل المعرفة أن تلك المضغة جنين لما اطلعوا عليه فيها من الصورة الخفية.
الحالة الثالثة: هي أن تكون تلك المضغة المذكورة ليس فيها تخطيط، ولا تصوير ظاهر، ولا خفي، ولكن شهدت ثقات من القوابل أنها مبدأ خلق آدمي.