قال الزمخشري: وسمى فعله كيدًا؛ لأنه وضعه موضع الكيد, حيث لم يقدر على غيره، أو على سبيل الاستهزاء؛ لأنه لم يكد به محسوده، إنما كاد به نفسه، والمراد ليس في يده إلَّا ما ليس بمذهب لما يغيظه. اهـ منه.
وحاصل هذا القول أن الله يقول لحاسديه - صلى الله عليه وسلم - الذين يتربصون به الدوائر، ويظنون أن ربه لن ينصره موتوا بغيظكم، فهو ناصره لا محالة على رغم أنوفكم. وممن قال بهذا القول: مجاهد، وقتادة، وعكرمة، وعطاء، وأبو الجوزاء، وغيرهم. كما نقله عنهم ابن كثير، وهو أظهرها عندي.
ومما يشهد لهذا المعنى من القرآن قوله تعالى:{وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيظِكُمْ}.
الوجه الثاني: أن المعنى من كان يظن أن لن ينصر الله نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا والآخرة، والحال أن النصر يأتيه - صلى الله عليه وسلم - من السماء، فليمدد بسبب إلى السماء فيرتقي بذلك السبب، حتى يصعد إلى السماء، فيقطع نزول الوحي من السماء، فيمنع النصر عنه - صلى الله عليه وسلم - .
والمعنى أنه وإن غاظه نصر الله لنبيه، فليس له حيلة، ولا قدرة على منع النصر؛ لأنه لا يستطيع الارتقاء إلى السماء، ومنع نزول النصر منها عليه - صلى الله عليه وسلم - . وعلى هذا القول فصيغة الأمر في قوله:{فَلْيَمْدُدْ} وقوله: {ثُمَّ لْيَقْطَعْ} للتعجيز {ثم لينظر} ذلك الحاسد العاجز عن قطع النصر عنه - صلى الله عليه وسلم - هل يذهب كيده إذا بلغ غاية جهده في كيد النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يغيظه من نصر الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - .
والمعنى أنه إن أعمل كل ما في وسعه، من كيد النبي - صلى الله عليه وسلم - .