للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الظاهر المتبادر من الآية فذلك الحميم يذيب جلودهم، كما يذيب ما في بطونهم، لشدة حرارته.

إذا المعنى: يصهر به ما بطونهم، وتصهر به الجلود؛ أي: جلودهم، فالألف واللام قامتا مقام الإِضافة. وقال بعض أهل العلم: والجلود مرفوع بفعل محذوف معطوف على تصهر، وتقديره: وتحرق به الجلود. ونظير ذلك في تقدير العامل المحذوف الرافع الباقي معموله مرفوعًا بعد الواو قول لبيد في معلقته:

فعلا فروعُ الأيهقَانِ وأطفَلت ... بالْجَلَهتَينِ ظباؤُهَا ونَعامُهَا

يعني: وباض نعامها، لأن النعامة لا تلد الطفل، وإنَّما تبيض، بخلاف الظبية فهي تلد الطفل، ومثاله في المنصوب قول الآخر:

إذا ما الغانياتُ برزْنَ يومًا ... وزجَّجْنَ الحواجِبَ والعُيونَا

ترى منَّا الأيور إذارأَوْهَا ... قِيامًا راكِعينَ وساجِدينَا

يعني زججن الحواجب، وأكحلن العيون، وقوله:

ورَأيت زوجَك في الوَغَى ... متقلِّدًا سيفًا ورُمْحًا

أي: وحاملًا رمحًا، لأن الرمح لا يتقلد، وقول الآخر:

تراه كأنَّ الله يجدعُ أنفَه ... وعينيه إنْ مولاه ثابَ له وفرْ

يعني: ويفقأ عينيه، ومن شواهده المشهورة قول الراجز:

علَفْتها تِبْنًا وماءً باردًا ... حتَّى شتت همالةً عيناها

يعني: وسقيتها ماءً باردًا. ومن أمثلة ذلك في القرآن قوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} الآية، أي: وأخلصوا الإِيمان،