وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: والبادي قرأه أَبو عمرو وورش، عن نافع بإثبات الياء بعد الدال في الوصل، وإسقاطها في الوقف، وقرأه ابن كثير بإثباتها وصلًا ووقفًا، وقرأه باقي السبعة بإسقاطها، وصلًا ووقفًا.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٥)} قد أوضحنا إزالة الإِشكال عن دخول الباء على المفعول في قوله: بإلحاد، ونظائره في القرآن، وأكثرنا على ذلك من الشواهد العربية في الكلام على قوله تعالى:{وَهُزِّي إِلَيكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} فأغنى ذلك عن إعادته هنا.
والإِلحاد في اللغة أصله: الميل، والمراد بالإِلحاد في الآية: أن يميل، ويحيد عن دين الله الذي شرعه، ويعم ذلك كل ميل وحيدة عن الدين، ويدخل في ذلك دخولًا أوليًّا الكفر بالله، والشرك به في الحرم، وفعل شيء مما حرمه، وترك شيء مما أوجبه. ومن أعظم ذلك: انتهاك حرمات الحرم. وقال بعض أهل العلم: يدخل في ذلك احتكار الطَّعام بمكة. وقال بعض أهل العلم: يدخل في ذلك قول الرجل: لا والله، وبلى والله، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه كان له فسطاطان: أحدهما: في طرف الحرم، والآخر: في طرف الحل، فإِذا أراد أن يعاتب أهله، أو غلامه فعل ذلك في الفسطاط الذي ليس في الحرم، يرى أن مثل ذلك يدخل في الإِلحاد فيه بظلم.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر في هذه المسألة، أن كل مُخَالفَةُ بترك واجب، أو فعل محرم تدخل في الظلم المذكور، وأما الجائزات كعتاب الرجل امرأته، أو عبده، فليس من الإِلحاد، ولا من الظلم.