{مَكَانَ الْبَيتِ} لأنه يدل على أن له مكانًا سابقًا كان معروفًا. والله أعلم.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيئًا وَطَهِّرْ بَيتِيَ لِلطَّائِفِينَ} الآية، متعلق بمحذوف، وقد دلت على تقدير المحذوف المذكور آية البقرة، وهي قوله تعالى:{وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيتِيَ لِلطَّائِفِينَ} الآية، فدلت آية البقرة المذكورة على أن معنى آية الحج هذه:{وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيتِ} وعهدنا إليه، أي: أوصيناه أن لا تشرك بي شيئًا، وطهر بيتي للطائفتين، وزادت آية البقرة أن إسماعيل مأمور بذلك أيضًا مع أبيه إبراهيم. وإذا عرفت أن المعنى: وعهدنا إلى إبراهيم ألا تشرك بي شيئًا، وطهر بيتي. الآية.
فاعلم أن في "أن" وجهين:
أحدهما: أنَّها هي المفسرة، وعليه طهير البيت من الشرك، وغيره هو تفسير العهد إلى إبراهيم، أي: والعهد هو إيصاؤه بالتطهير المذكور.
والثاني: أنَّها مصدرية بناء على دخول "أن" المصدرية على الأفعال الطلبية.
فإن قيل: كيف تكون مفسرة للعهد إلى إبراهيم، وهو غير مذكور هنا؟
فالجواب: أنَّه مذكور في سورة البقرة في المسألة بعينها، والقرآن يفسر بعضه بعضًا، فالمذكور هناك كأنه مذكور هنا؛ لأن كلام الله يصدق بعضه بعضًا. والتطهير هنا في قوله:{وَطَهِّر بَيتِي} يشمل التطهير المعنوي والحسي، فيطهره الطهارة الحسية: من الأقذار،