وأشْهد من عوف حلولًا كثيرةً ... يحجُّون سِبَّ الزّبرقان المزعْفَرا
قوله: يحجون يعني يكثرون قصده، والاختلاف إليه، والتردد عليه. والسب بالكسر العمامة. وعنى بكونهم يحجون عمامته أنهم يحجونه، فكني عنه بالعمامة. والرجال في الآية جمع راجل، وهو الماشي على رجليه، والضامر البعير ونحوه المهزول الذي أتعبه السفر. وقوله "يأتين" يعني الضوامر المعبر عنها بلفظ كل ضامر؛ لأنه في معنى وعلى ضوامر يأتين من كل فج عميق؛ لأن لفظة "كل" صيغة عموم، يشمل ضوامر كثيرة. والفج الطَّرِيق، وجمعه فجاج، ومنه قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣١)} والعميق البعيد، ومنه قول الشاعر.
إذَا الخَيل جاءَتْ مِن فجاجٍ عميقةٍ ... يمدّ بها في السير أشْعث شاحِب
وأكثر ما يستعمل العمق في البعد سفلًا، تقول: بئر عميقة، أي: بعيدة القعر. والخطاب في قوله:{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} لإِبراهيم كما هو ظاهر من السياق، وهو قول الجمهور خلافًا لمن زعم أن الخطاب لنبينا صلَّى الله عليه، وعلى إبراهيم وسلم. وممن