قال بذلك الحسن، ومال إليه القرطبي، فقوله تعالى:{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} أي: وأمرنا إبراهيم أن أذن في الناس بالحج، أي: أعلمهم، وناد فيهم بالحج، أي: بأن الله أوجب عليهم حج بيته الحرام.
وذكر المفسرون أنَّه لما أَمره ربه أن يأذن في الناس بالحج قال: يا رب كيف أبلغ الناس، وصوتي لا ينفذهم، فقال: ناد وعلينا البلاغ، فقام على مقامه. وقيل: على الحجر. وقيل: على الصفا. وقيل: على أبي قبيس، وقال: يا أيها الناس إن ربكم قد اتخذ بيتًا فحجوه، فيقال: إن الجبال تواضعت، حتَّى بلغ الصوت أرجاء الأرض، وأسمع من في الأرحام والأصلاب، وأجابه كل شيء سمعه من حجر ومدر وشجر، ومن كتب الله أنَّه يحج إلى يوم القيامة: لَبَّيكَ اللهم لَبَّيكَ.
قال ابن كثير رحمه الله بعد أن ذكر هذا الكلام: هذا مضمون ما ورد عن ابن عبَّاس، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وغير واحد من السلف. والله أعلم، وأوردها ابن جرير وابن أبي حاتم مطولة. انتهى منه.
وقوله تعالى:{يَأْتُوكَ رِجَالًا} مجزوم في جواب الطلب، وهو عند علماء العربية مجزوم بشرط مقدر، دل عليه الطلب على الأصح، أي: إن تؤذن في الناس بالحج يأتوك. وإنَّما قال:"يأتوك" لأن المدعو يتوجه نحو الداعي، وإن كان إتيانهم في الحقيقة للحج، لأن نداء إبراهيم للحج، أي: يأتوك ملبين دعوتك، حاجين بيت الله الحرام، كما ناديتهم لذلك.
وعلى قول الحسن الذي ذكر عنه أن الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، ففي