ثم ساق الحديث بسند آخر موقوفًا على ابن عبَّاس، وسكت ولم يبين هل الموقوف أصح أو المرفوع؟
وقال النووي في شرح المهذب في هذا الحديث: رواه البيهقي في الباب الأول من كتاب الحج بإسناد جيد، ورواه أيضًا موقوفًا، ولا يقدح ذلك فيه، ورواية المرفوع قوية، ولا يضر تفرد محمد بن المنهال بها، فإنه ثقة مقبول ضابط، روى عنه البخاري ومسلم في صحيحيهما. اهـ.
وقد علمت من كلام ابن حجر أن ابن المنهال تابعه على رفع الحديث المذكور الحارث بن سريج فقد زال التفرد. والظاهر أن الحارث المذكور هو ابن سريج النقال، ولا يحتج به لضعفه. وبما ذكرنا تعلم أن الحديث المذكور لا يقل عن درجة الاحتجاج، ووجه الدلالة منه على أن الحرية شرط في وجوب الحج أنَّه لو حج وهو مملوك، ثم أعتق بعد ذلك لزمته حجة الإِسلام، فلو كان واجبًا عليه في حال كونه مملوكًا أجزأه حجه عن حجة الإِسلام كما هو ظاهر، والعلم عند الله تعالى.
وقال أَبو عيسى التِّرمِذي رحمه الله ما نصه: وقد أجمع أهل العلم أن الصبي إذا حج قبل أن يدرك، فعليه الحج إذا أدرك، لا تجزئ عنه تلك الحجة عن حجة الإِسلام، وكذلك المملوك إذا حج في رقه ثم أعتق فعليه الحج إذا وجد إلى ذلك سبيلًا، ولا يجزئ عنه ما حج في حال رقه، وهو قول الثَّوري، والشَّافعي، وأحمد وإسحاق.
وأما الاستطاعة: فقد نص تعالى على اشتراطها في قوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ