الْعَالمِينَ (٩٧)} ومعنى الاستطاعة في اللغة العربية معروف، وتفسير الاستطاعة في الآية اختلف فيه العلماء.
فالاستطاعة في مشهور مذهب مالك الذي به الفتوى: هي إمكان الوصول، بلا مشقة عظيمة زائدة على مشقة السفر العادية، مع الأمن على النفس، والمال. ولا يشترط عندهم الزاد والراحلة، بل يجب الحج عندهم على القادر على المشي إن كانت له صنعة يحصل منها قوته في الطَّرِيقِ، كالجمال، والخراز، والنجار، ومن أشبههم.
وقال الشيخ الحطاب في كلامه على قول خليل في مختصره:"ووجب باستطاعة بإمكان الوصول، بلا مشقة عظمت، وأمن على نفس، ومال" ما نصه: وقال مالك في كتاب محمد، وفي سماع أشهب لما سئل عن قوله تعالى:{مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلًا} أذلك الزاد، والراحلة؟ قال: لا والله، ما ذلك إلَّا طاقة الناس، الرجل يجد الزاد والراحلة، ولا يقدر على المسير، وآخر يقدر أن يمشي علي رجليه ولا صفة في هذا أبين مما قال الله تعالى:{مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلًا} وزاد في كتاب محمد: وربَّ صغير أجلد من كبير. ونقل في المقدمات كلام مالك ثم قال بعده: فمن قدر على الوصول إلى مكة، إما راجلًا بغير كبير مشقة، أو راكبًا بشراء أو كراء، فقد وجب عليه الحج، ونقله في التوضيح. انتهى من الحطاب.
واعلم: أن بعض المالكية يشترطون في الصنعة المذكورة ألا تكون مرزية به.
واعلم أن المالكية اختلفوا في الفقير الذي عادته سؤال الناس في بلده، وعادة الناس إعطاؤه، وذلك السؤال هو الذي منه عيشته إذا علم أنَّه إن خرج حاجًّا، وسأل أعطاه الناس ما يعيش به، كما كانوا