يعطونه في بلده، هل سؤاله الناس وإعطاؤهم إياه يكون بسببه مستطيعًا لقدرته على الزاد بذلك، فيجب عليه الحج بذلك، أو لا يجب عليه بذلك؟
فذهب بعضهم إلى أن ذلك لا يجب عليه به الحج، ولا يعد استطاعة، وبهذا القول جزم خليل بن إسحاق رحمه الله في مختصره الذي قال في ترجمته مبينًا لما به الفتوى، وذلك في قوله فيما لا تحصل به الاستطاعة "لا بدين أو عطية أو سؤال مطلقًا".
ومعنى كلامه: أن من لم يمكنه الوصول إلَّا مكة إلَّا بتحمل دين في ذلك، أو قبول عطية ممن أعطاه مالًا، أو سؤال الناس مطلقًا، أنَّه لا يعدّ بذلك مستطيعًا، ولا يجب عليه الحج. وقوله: أو سؤال مطلقًا يعني بالإِطلاق، سواء كان السؤال عادته في بلده، أو لا، وسواء كانت عادة الناس إعطاءه، أو لا، أما إذا كانت عادة الناس عدم إعطائه، فالحج حرام عليه؛ لأنه إلقاء باليد إلى التهلكة، سواء كان السؤال عادته في بلده، أو لا، وأما إن كانت عادة الناس إعطاءه، ولم يكن السؤال عادته في بلده، فلا خلاف في أنَّه لا يعد مستطيعًا ولا يجب عليه الحج، وأما إن كانت عادته السؤال في بلده، ومنه عيشته، وعادة الناس إعطاؤه، فهو محل الخلاف، وقد ذكرنا آنفًا قول خليل في مختصره أنَّه لا يجب عليه الحج، ولا يعدّ مستطيعًا بسؤال الناس، وذلك في قوله:"أو بسؤال مطلقًا".
وقال الشيخ المواق في شرحه لقول خليل:"وسؤال مطلقًا" وقال خليل في منسكه: وظاهر المذهب أنَّه لا يجب على من عادته السؤال إذا كانت العادة إعطاءه، ويكره له المسير، فإن لم تكن عادته السؤال، أو لم تكن العادة إعطاءه سقط الحج بالاتفاق.