وكان قادرًا على المشي على رجليه، ولم يجد راحلة، أو وجدها بأكثر من ثمن المثل، أو أجرة المثل؛ لم يجب عليه الحج عندهم، ولا يعد قدرته على المشي استطاعة عندهم، لحديث الزاد والراحلة في تفسير الاستطاعة، وإن لم يجد ما يصرفه في الزاد والماء، ولكنه كسوب ذو صنعة يكتسب بصنعته ما يكفيه، ففي ذلك عند الشَّافعي تفصيل حكاه إمام الحرمين عن العراقيين من الشَّافعية، وهو: أنَّه إن كان لا يكتسب في اليوم إلَّا كفاية يوم واحد؛ لم يجب عليه الحج؛ لأنه ينقطع عن الكسب في أيام الحج، وإن كان يكتسب في اليوم كفاية أيام لزمه الحج.
قال الإِمام: وفيه احتمال، فإن القدرة على الكسب يوم العيد، لا تجعل كملك الصاع في وجوب الفطرة، هكذا ذكره الإِمام وحكاه الرافعي، وسكت عليه. انتهى من النووي، ومراده بالإِمام: إمام الحرمين.
وقوله: وفيه احتمال يعني: أنَّه يحتمل عدم وجوب الحج بذلك مطلقًا.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: وهذا الذي ذكره مبني على القاعدة المعروفة المختلف فيها: وهي هل القدرة على التحصيل بمنزلة التحصيل، أو لا؟ والأظهر أن القدرة على التحصيل بمنزلة التحصيل بالفعل. والعلم عند الله تعالى.
والاستطاعة عند أحمد وأصحابه: هي الزاد والراحلة.
قال ابن قدامة في المغني: والاستطاعة المشترطة: ملك الزاد والراحلة، وبه قال الحسن، ومجاهد، وسعيد بن جبير، والشَّافعي،