المتعفف عن مسألة الناس، وتدل بمفهومها على ذم سؤال الناس، والأحاديث الواردة في ذم السؤال مطلقًا كثيرة جدًّا.
وبذلك كله تعلم أن سؤال الناس ليس استطاعة على ركن من أركان الإِسلام، وأن قول بعض المالكية: إنه لا يعد استطاعة هو الصواب. وهو قول جمهور أهل العلم. وممن ذهب إليه: الشَّافعي، وأحمد، وأَبو حنيفة، ونقله ابن المنذر عن الحسن البصري، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وأحمد، وإسحاق. وبه قال بعض أصحاب مالك. قال البغوي: وهو قول العلماء. اهـ. قاله النووي.
والاستطاعة عند أبي حنيفة الزاد، والراحلة، فلو كان يقدر على الشيء، وعادته سؤال الناس، لم يجب عليه الحج عنده كما قدمناه قريبًا.
والاستطاعة في مذهب الشَّافعي: الزاد والراحلة، بشرط أن يجدهما بثمن المثل، فإن لم يجدهما إلَّا بأكثر من المثل سقط عنه وجوب الحج. ويشترط عند الشَّافعية أيضًا: وجود الماء في أماكن النزول، وهذا شرط لا ينبغي أن يختلف فيه، لأنه إن لم يجد الماء هلك، ويشترط عند الشَّافعية أيضًا: أن يكون صحيحًا لا مريضًا، ولا ينبغي أن يختلف في أن المرض القوي الذي يشق معه السفر مشقة فادحة، مسقط لوجوب الحج. ويشترط عند الشَّافعي أيضًا: أن يكون الطَّرِيق آمنًا من غير خفارة. والخفارة مثلثة الخاء: هي المال الذي يؤخذ على الحاج. ويشترط عند الشَّافعي أيضًا: أن يكون عليه من الوقت ما يتمكن فيه من السير والأداء. وهذه الشروط في المستطيع بنفسه، لا فيما يسمونه المستطيع بغيره، فإن كان بينه وبين مكة مسافة تقصر فيها الصلاة