للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذين مدحهم الله في كتابه بتركهم سؤال الناس كانوا من أفقر الفقراء كما هو معلوم، وقد صرح تعالى بأنهم فقراء وأشار لشدة فقرهم، وذلك في قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} الآية، فصرح بأنهم فقراء وأثنى عليهم بالتعفف وعدم السؤال.

ووجه إشارة الآية إلى شدة فقرهم، هو ما فسرها به بعض أهل العلم، من أن معنى قوله: {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ} أي: بظهور آثار الفقر والحاجة عليهم.

وقال ابن جرير في تفسيره، بعد أن ذكر القول بأن المراد بسيماهم: علامة فقرهم من ظهور آثار الجوع، والفاقة عليهم، والقول الآخر: أن المراد بسيماهم: علامتهم التي هي التخشع، والتواضع ما نصه:

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله عَزَّ وَجَلَّ أخبر نبيه - صلى الله عليه وسلم - أنَّه يعرفهم بعلاماتهم، وآثار الحاجة فيهم. انتهى محل الغرض منه.

وقال صاحب الدر المنثور في التفسير بالمأثور: وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن الربيع: {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ} قول: تعرف في وجوههم الجهد من الحاجة. وأخرج ابن جرير، عن ابن زيد: {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ} قال: رثاثة ثيابهم. انتهى. ومثل هذا كثير في كلام المفسرين.

فالآية الكريمة: تدل بمنطوقها على الثناء على الفقير الصابر