للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما النظر في المرآة: فالظاهر أنه لا بأس به للمحرم، ولم يرد شيء يدل على النهي عنه فيما أعلم.

وقال البخاري رحمه الله في صحيحه: باب الطيب عند الإِحرام، وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل، ويدهن. وقال ابن عباس رضي الله عنه: يشم المحرم الريحان، وينظر في المرآة، ويتداوى بما يأكل: الزيت والسمن. وقال عطاء: يتختم ويلبس الهميان. وطاف ابن عمر رضي الله عنهما، وهو محرم، وقد حزم على بطنه بثوب. ولم تر عائشة رضي الله عنها بالتبان بأسًا للذين يرحلون هودجها. انتهى منه.

ومحل الشاهد عنه قول ابن عباس: "وينظر في المرآة" وهذه المسائل التي ذكرها البخاري قد قدمناه كلها، وأوضحنا مذاهب العلماء فيها إلا النظر في المرآة الذي هو غرضنا منها الآن.

وكون عائشة لم تر بأسًا بالتبان للذين يرحلون هودجها. والتبان كـ "رُمَّان": سراويل صغيرة يستر العورة المغلظة. وإباحة عائشة للتبان للذين يرحلون هودجها قريب من قول المالكية بجواز الاستثفار للركوب والنزول.

وما ذكره البخاري عن ابن عمر من: "أنه طاف وهو محرم، وقد حزم على بطنه بثوب" خصص المالكية جواز شد الحزم على البطن من غير عقد بضرورة العمل خاصة، كما تقدم.

والحاصل: أنه لا ينبغي أن يختلف في جواز نظر المحرم في المرآة، إذ لا دليل على النهي عنه. وذكر ابن حجر في الفتح: أنه نقلت كراهته عن القاسم بن محمد. وذلك هو مشهور مذهب مالك.