وفي سماع ابن القاسم: لا أحب نظر المحرم في المرآة، فإن نظر فلا شيء عليه، وليستغفر الله.
وأصح القولين عند الشافعية: أنه لا كراهة فيه، ونقل ابن المنذر عدم الكراهة عن ابن عباس، وأبي هريرة، وطاوس، والشافعي، وأحمد، وإسحاق قال: وبه أقول. وكره ذلك عطاء الخراساني. وقال مالك: لا يفعل ذلك إلا عن ضرورة. قال: وعن عطاء في المسألة قولان بالكراهة والجواز، وصح عن ابن عمر أنه نظر في المرآة. انتهى بالمعنى من النووي.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: التحقيق إن شاء الله في هذه المسألة: أن مجرد نظر المحرم في المرآة لا بأس به ما لم يقصد به الاستعانة على أمر من محظورات الإِحرام، كنظر المرأة فيها؛ لتكتحل بما فيه طيب أو زينة، ونحو ذلك. والعلم عند الله تعالى.
وذكر في الفتح أيضًا: أن سعيد بن منصور روى من طريق عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة:"أنها حجت، ومعها غلمان لها، وكانوا إذا شدوا رحلها يبدو منهم الشيء، فأمرتهم أن يتخذوا التبابين فيلبسوها، وهم محرمون" قال: وأخرجه من وجه آخر مختصرًا بلفظ: "يشدون هودجها". انتهى محل الغرض منه، وقوله:"يرحلون هودجها" هو بفتح الياء المثناة التحتية، وسكون الراء، وفتح الحاء، من قولهم: رحلت البعير أرحله - بفتح الحاء، في المضارع والماضي - رحلا، بمعنى: شددت الرحل على ظهره. ومنه قول الأعشى:
رحلت سميةُ غدوةً أجمالها ... غضْبى عليك فما تقول بدالها