فداها به فهو خير منها. وعند الشافعي: أنه إن ظهر القمل على بدنه أو ثيابه، لم يكره له أن ينحيه؛ لأنه ألجأه.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن قتل القمل لا فدية فيه، وهو مذهب أحمد وأصحابه مع أن عنه روايتين: إحداهما: إباحة قتله؛ لأنه يؤذي، والأخرى: منع قتله؛ لأن فيه ترفها.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أظهر أقوال أهل العلم عندي في ذلك: أن القمل لا يجوز قتله، وأخذه من الرأس، بدليل قصة كعب بن عجرة المتقدمة، فإنه لو كان قتله يجوز لما صبر على أذاه، ولتسبب في التفلي، لإزالته من رأسه، كما هو العادة المعروفة فيمن آذاه القمل، وهو غير محرم إن لم يرد الحلق، وأنه لا شيء على من قتله. والدليل على ذلك أمران:
أحدهما: أن الأصل عدم الوجوب إلَّا لدليل، ولا دليل على لزوم شيء في قتل القمل، مع أنه يؤذي أشد الإِيذاء.
الأمر الثاني: أن ظاهر حديث كعب بن عجرة المتفق عليه، وظاهر القرآن العظيم كلاهما: يدل على أن الفدية إنما لزمت بسبب حلق الرأس، مع كثرة ما فيه من القمل، فلو كانت الفدية تلزم من قتل القمل، وإزالته، لبينه - صلى الله عليه وسلم - فقوله تعالى:{وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ظاهره أن الأذى الذي برأسه من القمل ونحوه: كالمرض في إباحة الحلق، وأن الفدية لزمت بسبب الحلق لا بسبب المرض، ولا بسبب إزالة القمل، وكذلك ظاهر حديث كعب، حيث أمره بالحلق والفدية، فهو يدل على أن الفدية من أجل الحلق لا غيره.