اختياره له بكثرة الأحاديث الدالة عليه - أن من المنافع المذكورة في آية الحج: غفران ذنوب الحاج حتى لا يبقى عليه إثم إن كان متقيًا ربه في حجه بامتثال ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه.
وذلك أنه قال: إن معنى قوله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} أن الحاج يرجع مغفورًا له، ولا يبقى عليه إثم سواء تعجل في يومين، أو تأخر إلى الثالث، ولكن غفران ذنوبه هذا مشروط بتقواه وبه في حجه، كما صرح به في قوله تعالى:{لِمَنِ اتَّقَى} الآية، أي: وهذا الغفران للذنوب، وحط الآثام إنما هو لخصوص من اتقى.
ومعلوم أن هذه الآية الكريمة فيها أوجه من التفسير غير هذا.
وممن نقل عنهم ابن جرير أن معناها: أنه يغفر للحاج جميع ذنوبه، سواء تعجل في يومين، أو تأخر: علي، وعبد الله بن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، ومجاهد، وإبراهيم، وعامر، ومعاوية بن قرة.
ولما ذكر أقوال أهل العلم فيها قال: وأولى هذه الأقوال بالصحة قول من قال: تأويل ذلك: فمن تعجل في يومين من أيام منى الثلاثة، فنفر في اليوم الثاني، فلا إثم عليه؛ يحط الله ذنوبه إن كان قد اتقى في حجه، فاجتنب فيه ما أمر الله باجتنابه، وفعل فيه ما أمر الله بفعله، وأطاعه بأدائه على ما كلفه من حدوده. ومن تأخر إلى اليوم الثالث منهن، فلم ينفر إلا النفر الثاني، حتى نفر من غد النفر الأول، فلا إثم عليه، لتكفير الله له ما سلف من آثامه وأجرامه إن كان اتقى الله في حجه بأدائه بحدوده.