والأحوط عندي: إراقة دم التمتع ولو سافر؛ لعدم صراحة دلالة الآية في إسقاطه، وللاحتمال الآخر الذي تمسك به البخاري والحنفية كما تقدم إيضاحه. وممن قال بذلك الحسن. واختاره ابن المنذر لعموم الآية. قاله في المغني. والعلم عند الله تعالى.
الشرط الرابع: أن يكون من غير حاضري المسجد الحرام. فأما إذا كان من حاضري المسجد الحرام فلا دم عليه؛ لقوله تعالى:{ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}.
وأظهر أقوال أهل العلم عندي في المراد بحاضري المسجد الحرام أنهم أهل الحرم، ومن بينه وبينه مسافة لا تقصر فيها الصلاة؛ لأن المسجد الحرام قد يطلق كثيرًا ويراد به الحرم كله، ومن على مسافة دون مسافة القصر، فهو كالحاضر، ولذا تسمى صلاته إن سافر من الحرم إلى تلك المسافة صلاة حاضر، فلا يقصرها، لا صلاة مسافر حتى يشرع له قصرها، فظهر دخوله في اسم حاضري المسجد الحرام بناء على أن المراد به جميع الحرم، وهو الأظهر خلافًا لمن خصه بمكة، ومن خصه بالحرم، ومن عممه في كل ما دون الميقات. وقد علمت أن هذا الشرط إنما يتمشى على أحد القولين في الآية.
الشرط الخامس: ما قال به بعض أهل العلم من أنه يشترط نية التمتع بالحج إلى العمرة عند الإِحرام بالعمرة. قال: لأنه جمع بين عبادتين في وقت إحداهما، فافتقر إلى نية الجمع، كالجمع بين الصلاتين، وعلى الاشتراط المذكور فمحل نية التمتع هو وقت الإِحرام بالعمرة. وقال بعضهم: له نية التمتع ما لم يفرغ من أعمال العمرة كالخلاف في وقت نية الجمع بين الصلاتين، فقال بعضهم: