للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكلا النسكين فيه تمتع لغة؛ لأن التمتع من المتاع أو المتعة، وهو الانتفاع، أو النفع ومنه قوله:

وقفت على قبر غريب بقفرة ... متاع قليل من حبيب مفارق

جعل استئناسه بقبره متاعًا لانتفاعه بذلك الاستئناس، وكل من القارن والمتمتع انتفع بإسقاط أحد السفرين، وانتفع القارن عند الجمهور باندراج أعمال العمرة في الحج.

وقال جماعة من أهل العلم: إن القرآن لم يدخل في عموم الآية بحسب مدلول لفظها، وهو الأظهر؛ لأن الغاية في قوله: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} تدل على ذلك. والذين قالوا هذا قالوا: هو ملحق به في حكمه؛ لأنه في معناه. وعلى أن القارن يلزمه ما يلزم المتمتع عامة العلماء منهم الأئمة الأربعة إلَّا من شذ شذوذًا لا عبرة به.

وليس كل خلاف جاء معتبرًا ... إلَّا خلاف له وجه من النظر

قال في الإِنصاف: وسأله - يعني الإِمام أحمد - بن مشيش: القارن يجب عليه الدم وجوبًا؟ فقال: كيف يجب عليه وجوبًا، وإنما شبهوه بالمتمتع. قال في الفروع: فتتوجه منه رواية: لا يلزم دم. اهـ منه.

ولا يخفى أن مذهب أحمد مخالف لما زعموه رواية، وأن القارن كالمتمتع في الحكم.

وقال ابن قدامة في المغني: ولا نعلم في وجوب الدم على القارن خلافًا إلَّا ما حكي عن داود أنه لا دم عليه. وروي ذلك عن طاوس. وحكى ابن المنذر: أن ابن داود لما دخل مكة سئل عن القارن هل يجب عليه دم؟ فقال: لا، فجرّ برجله، وهذا يدل على شهرة الأمر بينهم. اهـ منه.