وذكر النووي: أن العبدري حكى هذا القول عن الحسن بن علي بن سريج. والتحقيق خلافه، وأنه يلزمه ما يلزم المتمتع.
ومن النصوص الدالة على ذلك: حديث عائشة المتفق عليه، وفيه "فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر فقلت: ما هذا؟ فقيل: نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه" متفق عليه.
قال المجد في المنتقى: وفيه دليل على الأكل من دم القرآن؛ لأن عائشة كانت قارنة. اهـ منه. وهو يدل على أن القارن عليه دم. واللَّه أعلم.
ومن أصرح الأدلة في ذلك: ما رواه مسلم في صحيحه عن جابر بلفظ "ذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عائشة بقرة يوم النحر" ومعلوم أنها كانت قارنة على التحقيق، فتلك البقرة دم قران. وذلك دليل على لزومه. وما ذكره ابن قدامة في المغني من أنه روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"من قرن بين حجه وعمرته فليهرق دمًا" لم أعرف له أصلًا، والظاهر أنه لا يصح مرفوعًا. واللَّه تعالى أعلم.
وأكثر أهل العلم على أن القارن إن كان أهله حاضري المسجد الحرام أنه لا دم عليه؛ لأنه متمتع، أو في حكم المتمتع. واللَّه يقول:{ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}.
وقال ابن قدامة في المغني: وهو قول جمهور العلماء. وقال ابن الماجشون: عليه دم؛ لأن الله تعالى أسقط الدم عن المتمتع، وهذا ليس متمتعًا. وليس هذا بصحيح، فإننا ذكرنا أنه متمتع، وإن لم يكن متمتعًا فهو مفرع عليه. ووجوب الدم على القارن إنما كان بمعنى النص على التمتع، فلا يجوز أن يخالف الفرع أصله. انتهى منه.