للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} لنفس التمتع كما تقدم إيضاحه، مع أنهم يقولون: إنهم إن تمتعوا أو قرنوا أساءوا وانعقد إحرامهم، ولزمهم دم الجبر. وهذا الدم عندهم دم جناية لا يأكل صاحبه منه، بخلاف دم التمتع والقران من غير حاضري المسجد الحرام، فهو عندهم دم نسك، يجوز لصاحبه الأكل منه. ونقل بعض الحنفية عن ابن عمر وابن عباس، وابن الزبير: أن أهل مكة لا متعة لهم. وقد قدمنا أنه رأي البخاري.

واعلم: أنا قدمنا أن من شروط وجوب دم التمتع: ألا يرجع بعد العمرة إلى بلده أو مسافة مثله، أو يسافر مسافة القصر على ما بينا هناك من أقوال الأئمة في ذلك، وأردنا أن نذكر هنا حكم القارن إذا أتى بأفعال العمرة، ثم رجع إلى بلده، ثم حج من عامه، أو سافر مسافة قصر، ثم أحرم بالحج من الميقات، هل يسقط عنه الدم بذلك كالمتمتع أو لا؟ ومذهب أبي حنيفة: أن الدم لا يسقط عنه برجوعه إلى بلده بعد إتيانه بأفعال العمرة إن رجع، وحج لأنه لم يزل قارنًا.

وقال صاحب الإِنصاف في الكلام على القارن: لا يلزم الدم حاضري المسجد الحرام، كما قال المصنف. وقاله في الفروع وغيره، وقال: والقياس أنه لا يلزم من سافر سفر قصر أو إلى الميقات إن قلنا به، كظاهر مذهب الشافعي، وكلامهم يقتضي لزومه؛ لأن اسم القرآن باق بعد السفر، بخلاف التمتع. اهـ منه.

وحاصل كلامه: أن ظاهر كلام الحنابلة: أن السفر بعد وصول مكة لا يسقط دم القران، وأن مقتضى القياس أنه يسقطه إلحاقًا له بالتمتع.

وقال النووي في شرح المهذب: لو دخل القارن مكة قبل يوم