عرفة، ثم عاد إلى الميقات، فالمذهب: أنه لا دم عليه في الإِملاء، وقطع به كثيرون أو الأكثرون، وصححه الحناطي وآخرون. وقال إمام الحرمين: إن قلنا: المتمتع إذا أحرم بالحج ثم عاد إليه لا يسقط عنه الدم فهنا أولى، وإلَّا فوجهان. والفرق أن اسم القرآن لا يزول بالعود، بخلاف التمتع، ولو أحرم بالعمرة من الميقات، ودخل مكة، ثم رجع إلى الميقات قبل طوافه فأحرم بالحج، فهو قارن.
قال الدارمي في آخر باب الفوات: إن قلنا: إذا أحرم بهما جميعًا، ثم رجع سقط الدم فهنا أولى، وإلَّا فوجهان. انتهى منه.
وظاهر كلام خليل في مختصره المالكي أن السفر لا يسقط دم القران.
والحاصل: أنا بينا اختلاف أهل العلم في السفر بعد أفعال العمرة أو بعد دخول مكة، هل يسقط دم القرآن أو لا؟ وبينا قول صاحب الإِنصاف: أن سقوطه بالسفر، هو مقتضى قياسه على التمتع.
وأقرب الأقوال عندي للصواب أن دم القران لا يسقطه السفر. وقد بينا أن الأحوط عندنا أن دم التمتع لا يسقطه السفر، لتصريح القرآن بوجوب الهدي على المتمتع، وعدم صراحة الآية في سقوطه بالسفر. وقد ذكرنا أن لزوم الدم للقارن الذي هو من حاضري المسجد الحرام له وجه من النظر؛ لأنه اكتفى عن النسكين بعمل أحدهما على قول الجمهور، كما تقدم.
وأظهر قولي أهل العلم عندنا أن المكي إذا أراد الإِحرام بالقران، أحرم به من مكة؛ لأنه يخرج في حجه إلى عرفة، فيجمع